حين يكون السبب حتمي و مؤلم

كتب : السيد محمد أنور .

* نأتي إلى الحياة بصفحة بيضاء نتلقى منها الإبجديات الأولى لقصتنا دون أن يكون لنا فيها حق الإختيار . نُلزم بصفات و صلات ولا يمكننا في البدايات الأخذ بناصية القرار . نتكيف مجبرين مع صحبة و أشخاص جميعهم لا نعرف أي منهم يصلح للقرب و أيهم يجب أن تعلو بيننا و بينهم الأسوار . و رويداً رويداً تتسع الدائرة و تزيد العلاقات و تضع الحياة لمستها على قناعاتنا . إختياراتنا و لكنها في ذلك التوقيت لا يمكننا إدعاء أنها قناعات رشيدة مجردة أو إختيارات حرة تتسلح بالوعي و المنطق فهي محض نتاج لأحداث سنواتنا الأولى و ما رسب بداخلنا من رؤى و قناعات . و نظل نتعثر و نستقيم . نخطئ و نصيب . نتعلم و ندفع الثمن . و الحياة مُعلم قاسي لكنه ماهر متمكن من مادته . تعلمنا نعم لكنها تأخذ منا في المقابل الثمن . و حتى تحديد قيمة الثمن ليس دائما يكن لنا دور فيها . و هنا تتفاوت القدرات و القوى بين بين يملك إرادة أن يكون هو حسبما رأى بعد ما توافر لديه من خبرات ماذا يريد أن يكون أو بالأحرى ماذا يقبل لكيانه أن يُمثل . و بين أخر يعجز لسبب أو لأخر عن التمرد على ما أحاط به و شب عليه و وجب عليه أن يتحرك لنحو أفضل ولا يكون مجرد إستنساخ لنماذج تتوافر فيما حوله من وسط محيط . و هناك من يألف ما نشأ عليه . يتحيز له . يتقوقع داخل مفاهيمه و عاداته و القوانين المنظمة لقواعد التعامل وفق أعرافه . هنا يكون الأمر أكثر إحتياجاً للصدق مع النفس و الحكم المُقسط المُجرد لكل ما مُلأت به الرأس و إستقر بالقلب و بلغ حد الإعتياد . و أيا ما كان القرار تصبح النقطة الفارقة هي الإستمرار قرار أم إستسلام . قناعة أم إعتياد . أن توارث الأخطاء و التحيز و إزداوجية المعايير و المزايدة ما هي إلا محض إعلان فشل لأشخاص قرروا الإستسلام لواقع ما من مزايا حقيقية فيه إلا آفة الأنانية و العجز عن مواجهة الذات و التماهي القميئ مع الواقع بكل ما فيه دون الرغبة في الوصول لأفضل نسخة ممكنة منه . أن الثمن الذي تلزمنا الحياة بالوفاء به ليس محل إختيار ولا ضمانات بأن يكون ثمن هين محتمل . لذا كلما تمكن المرء من الإدراك كلما عفا نفسه من تسديد ضريبة دروس آتية و تحمل ما خلفته الدروس السابقة من أثار . على المرء ان يعي أن سنوات العمر لا تلزم بإكتساب الخبرة و لكن كيف يعمل العقل هي التي تجعل المرء يتمكن من بلوغ ذلك و قطعاً تتفاوت الازمنة اللازمة بين مختلف الأشخاص كل منهم له حساباته الخاصة في بلوغ حد الإدراك المُرضي المقبول و كل منهم له قدرات ذهنية و نفسية و ملابسات محيطة تتحكم في يسر أو تعقيد بلوغ ذلك . ولا يمكن إغفال أن البعض بحكم التعود قد آلف ما هو عليه . 
في الختام مهما كان الثمن حتمي و مؤلم لا يجب أن يُبدد سُدا ولا يدفع الإنسان لأن يغير من نفسه ليصل لأفضل نسخة منه ولا يقضي حياته لنهايتها فقط يكرر الأخطاء و يدفع الثمن ....

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

Anterior cruciate ligament

Hp Pro x2 612 G1 Tablet.

افضل لابتوب hp